السبت، 8 ديسمبر 2012

نماذج من نصرة النبي صلى الله عليه و سلم و اتباع أوامره حال حياته و بعد وفاته..



الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله... و بعد.
 لقد سطَّرَ الصحابة و الصحابيات رضوانُ اللهِ عليهم أروع صورِ الحبِّ و الفداء لرسول الله صلى الله عليه و سلم و الدفاع عنه و عن سنته و امتثال أوامره و اجتناب نواهيه ..
فهذه أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها و أم سليم هذه هي الرميصاء و أختها هي أم حرام رضي الله عنهن.. و قيل: أن أم سليم خالت النبي صلى الله عليه و سلم بالرضاعة.. فاتَّخَذَتْ أم سليم يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ زوجها.. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ.. هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ.. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: مَا هَذَا الْخِنْجَرُ.. قَالَتْ اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ.. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَضْحَكُ.. فقَالَتْ أم سليم: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْتُلُ بهذا الخنجر.. مَنْ بَعْدَنَا مِنْ الطُّلَقَاءِ انْهَزَمُوا بِكَ " أي: أقتل من انهزم عنك يا رسول الله.. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَ أَحْسَنَ..
و هذا أبو طلحة رضي الله عنها زوج أمِّ سُليم يقي رسولَ الله صلى الله عليه و سلم بصدرهِ يومَ أحدٍ و يقول: بأبي أنت و أمي يا رسولَ الله.. لا تُشْرِفْ فيُصيبُونَك.. نَحرِي دون نَحرِكَ يا رسول الله.. صدري دون صدرِكَ يا رسول الله... هكذا هي المرأة تعين زوجها على حب النبي صلى الله عليه و سلم و حب سنته..
إن طاعة النبي صلى الله عليه و سلم و اتباع سنته و الامتثال لأمره هو الإيمان و الحب الحقيقي للنبي صلى الله عليه و سلم.. فقد كان الواحد من الصحابة رضي الله عنهم و أرضاهم يطبق تطبيقاً عملياً لكل ما يؤمن به.. حيث كانوا ذا طاعة تامة و امتثال مباشر.. و هذه هي الحقيقة الإيمانية... و كذلك النساء في عهد النبي صلى الله عليه و سلم.. كن ينفذن أوامره في الحال.. لا يعترضن على أي أمر من أوامر الله و رسوله..
و استمع عبد الله.. استمعي أمة الله.. لسرعة استجابة الصحابيات رضي الله عنهن.. و امتثالهن أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم.. فإن من عرف الحق هانت عنده التضحيات .. و يقدم حب الله و رسوله على حب شهواته و لذائذه.. فيسعد في دنياه و يسعد في أخراه...
و هذه القصة موجودة في صحيح مسلم و مسند أحمد بن حنبل رحمهما الله.. بروايات مختلفة.. و قد جمعت بين الروايتين.. (أَنَّ جُلَيْبِيبًا كَانَ مِنْ الْأَنْصَارِ و كان دميم الخِلقة لكنه رجل أعطاه الله من الإيمان ما أعطاه و كان كلما تقدم إلى بنت رفضته .. لأنه دميم الخلقة و لأنه قصير لا ترغب فيه النساء .. وَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ- و المرأة الأيِّم التي لا زوج لها- سواءٌ كانت بكراً أم ثيباً لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَلِلنَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فِيهَا حَاجَةٌ أَمْ لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم ذَاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ، فَقَالَ فرحاً: نِعِمَّ وَ نُعْمَةُ عَيْنٍ- أي: و نعم الزوج و نعم النسب- .. ظن هذا الأنصاري أن النبي صلى الله عليه و سلم يريد أن يتزوج بابنته.. فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه و سلم: إِنِّي لَسْتُ لِنَفْسِي أُرِيدُهَا، قَالَ الأنصاري: فَلِمَنْ؟، قَالَ: لِجُلَيْبِيبٍ، قَالَ الأنصاري: حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا- أي: أستشير أمَّها- فكأنه كان متردداً في تزويج ابنته لجليبب، فَأَتى الأنصاري زوجته .. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم يَخْطُبُ ابْنَتَكِ، ففرحت الزوجة وهللت.. و كيف لا تفرح.. و زوج ابنتها خير الخلق.. قَالَتْ: نِعِمَّ وَ نُعْمَةُ عَيْنٍ، زَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم.. قَالَ لها زوجها: إِنَّهُ لَيْسَ يُرِيدُهَا لِنَفْسِهِ، قَالَتْ: فَلِمَنْ؟، قَالَ لِجُلَيْبِيبٍ.. قَالَتْ: حَلْقَى إذاً..- و هذه اللفظة تقوله العرب إذا أصابتهم مصيبة، و معناها أصابني وجعٌ في حلقي.. فكان الخبر كالصاعقة عليها حتى أصابها وجعٌ في حلقها- .. أَجُلَيْبِيبٌ ابْنَهْ مَرَّتَيْنِ .. لَا لَعَمْرُ اللَّهِ لَا أُزَوِّجُ جُلَيْبِيبًا لابنتي .. فَلَمَّا قَامَ أَبُوهَا لِيَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم.. سمعت الفتاة بالخبر و أصبحت في حيرة من أمرها ..- فهي الآن في أمرين ، و بين موقفين: أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ذلك المنظر القبيح الذي لا تتحمله-.. ماذا قالت الفتاة.. قَالَتْ الْفَتَاةُ لِأُمِّهَا مِنْ خِدْرِهَا: مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمَا، قَالَتْ أمها : النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم .. فقالت البنت لأمها و لأبيها: أتردان أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم؟، أين تذهبان من قول الله تعالى: {وَ مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } ..ادْفَعُونِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فَإِنَّهُ لَا يُضَيِّعُنِي.. فَأَتَى أَبُوهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم، فَقَالَ أبوها: شَأْنَكَ بِهَا.. فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا..
و في رواية أن النبي صلى الله عليه و سلم دعا لهما فقال: اللهم صب الخير عليهما صباًّ و لا تجعل عيشهما كداً.. فبارك الله لهما.. و قيل: إن المال كان يأتيها لا تعلم من أين يأتيها..
هذه المرأة قدمت مراد الله و رسوله على حب شهواتها و ملذاتها.. فأكثر النساء اليوم.. يحبون أن يكون الزوج جميل المنظر.. حسن الهيئة.. ثري.. ذو نسب و حسب.. و لكن هذه الفتاة ضحت بكل ذلك من أجل أمر الله و رسوله.. فسعدت في الدنيا و الآخرة.. في الدنيا كان المال يأتيها من حيث لا تعلم.. و في الآخرة تسبح في أنهار الجنة.. في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. {وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}...
هذه نماذج من دفاع السلف الصالح عن النبي صلى الله عليه و سلم و سنته حال حياته ..
و إليكم نماذج من دفاع السلف الصالح عن السنة و تعظيمها و اعتناؤهم بها بعد وفاته صلى الله عليه و سلم..
لما قال بعض الناس في مجلس عمران بن حصين رضي الله عنه: دعنا من الحديث و حدثنا عن كتاب الله، غضب عمران رضي الله عنه و اشتد نكيره، و قال: "لولا السنة كيف نعرف أن الظهر أربع، و العصر أربع، و العشاء أربع، و المغرب ثلاث؟".. فالسنة بينت لنا تفاصيل الصلاة و تفاصيل الأحكام..
و لم يزل الصحابة رضي الله عنهم و أرضاهم يرجعون إلى السنة و يتحاكمون إليها و يحتجون بها..
و هذه قصة يتبين فيها تعظيم السلف للنبي صلى الله عليه و سلم و سنته: قال ابن المبارك رحمه الله: دخلت المدينة، فوجدت مالكاً مكثور عليه- أي: تكاثر الناس عليه-، قال: فأتيت فجلست في حلقته و هو يقرأ في الموطأ، قال: فتغير وجهه ثلاث عشرة مرة، يحمر ثم يعود ثم يحمر ثم يعود، فلما انتهى من درسه، قلت: ما لك يا أبا عبد الله؟، قال: انظر لدغتني عقرب ثلاث عشرة مرة، ثم رفع ثوبه فرأيت اللدغة في رجله، قلت: ما لك ما قطعت الحديث؟ ، قال: أقطع حديث حبيبي رسول الله صلى الله عليه و سلم من أجل نفسي لا و الله، قال: ثم تفل في يده و قرأ الفاتحة و مسح رجله فكأن ما به شيء رضي عنه و أرضاه..
لا إله إلا الله.. الإمام مالك إمام السنة تلدغه عقرب ثلاثة عشر مرة.. و لا يقطع حديث النبي صلى الله عليه و سلم... فما هو حالنا اليوم مع سنة محمد صلى الله عليه و سلم.. كيف هو اهتمامنا بحديث النبي صلى الله عليه و سلم حفظاً و تطبيقاً.. و منهاجاً في حياتنا اليومية؟..
اليوم قد ضُيع حق الله .. و ضاعت كثيرٌ من سنن المصطفى صلى الله عليه و سلم .. كم من أمر .. أمرنا بها رسولنا صلى الله عليه و سلم فخالفناه .. فتجد كثيراً من الناس .. قد ضيعوا حق الله .. فتجدهم .. يمرغون رؤوسهَم في قبور الأولياء .. فيطلبون منهم كشف الكربات .. و تفريج الهموم و يدعونهم من دون الله .. يعبدون القبور .. و يفعلون فعل مشركي مكة في عصر النبي صلى الله عليه و سلم .. و هذه الصلاة .. قد ضُيعت .. فتجد كثيراً من الناس من لا يصلي الفجر حتى يدخل وقت الظهر .. و منهم من يصلي فرضين و يترك باقي الفروض .. و لا حول و لا قوة إلا بالله .. و كم من أمر نهانا عنه الرسول صلى الله عليه و سلم .. و توعد مرتكبه و زجر عنه... أصبحت من أساسيات حياة الناس اليوم .. و التي لا غنى لهم عنها .. فهذا الغناء .. حرمه الله و رسوله صلى الله عليه و سلم .. أصبح أساسياً في حياة كثيرٍ من الناس .. فتجد كثيراً من بيوت المسلمين إلا من رحم الله فيه هذا دش الديجتال .. الذي يعرض الموسيقى و الغناء و الرقص و المسلسلات الفاحشة .. فكثيرٌ من بيوت المسلمين .. كثيرٌ من أمة محمد صلى الله عليه و سلم يشاهدون و يتابعون المسلسلات الهدامة و يضيعون أوقاتهم و سنواتهم بسنوات الضياع .. و لا حول و لا قوة إلا بالله .. بل تجد الغناء في سياراتهم و جوالاتهم و جميع حياتهم .. قد أصبح شيئاً أساسياً .. هل هذا هو حب النبي صلى الله عليه و سلم.. كثيرٌ من الناس اليوم يرفعون شعارات .. إلا الحبيب يا عباد الصليب و تراهم يفعلون أفعال عباد الصليب .. فترى بعضهم يعجب بمايكل جاكسون و يفتخر به .. بل يقلد حركاته من رقص و غناء .. و ميوعة .. و تغنج .. و لا حول و لا قوة إلا بالله ..  
إننا مقصرون أيها الأخوة كثيراً و كثيراً في حق نبينا.. و لو قصر ولدك في حقك ما رضيت بهذا ، فلو قصر ولدك في حقك أيتها الأم من الطاعة و الإحترام ، لأقمتي الدنيا و أقعدتها ، بل ربما طردت هذا الولد من بيتك لقلة أدبه و عدم احترامه و تقديره لك ..
و قس على هذا سائر الحقوق بين الناس... لن يرضى و لن يقبل أحد بالتقصير في حقه .. فهلا حاسبنا أنفسنا عباد الله .. و أدينا حقوق رسولنا صلى الله عليه و سلم.. أفضل من عبد الله تحت أديم السماء .. أرجو أن نكون ممن أدى حقوق رسولنا صلى الله عليه و سلم...
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليماً كثيراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق