متى يفقد الماء طهوريته:
(3) وَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ صلى الله عليه و سلم: ( إِنَّ
الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ, إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَ طَعْمِهِ,
وَ لَوْنِهِ ). أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَ لِلْبَيْهَقِيِّ: (الْمَاءُ طَاهِرٌ
إِلَّا إِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ, أَوْ طَعْمُهُ, أَوْ لَوْنُهُ; بِنَجَاسَةٍ
تَحْدُثُ فِيهِ).
درجة الحديث:
أول الحديث صحيح، و عجزه ضعيف، ضعفه أبو
حاتم كما في "التلخيص".
فقوله: (إن الماء لا ينجسه شيء) قد ثبت
في حديث بئر بضاعة.
و قوله: (إلا ما غلب...) إلخ: قال
النووي: اتفق المحدثون على تضعيفه، لأن في إسناده رشدين بن سعد، متفق على ضعفه، و
نقل ابن حبان في "صحيحه" الإجماع على العمل بمعناه.
و قال صديق حسن في "الروضة":
اتفق العلماء على ضعف هذه الزيادة، لكنه وقع الإجماع على مضمونها.
مفردات الحديث:
-غلب: المراد: غلب على الماء ريح
النجاسة أو طعمها أو لونها، و لو بإحدى هذه الصفات، كما يفسر ذلك رواية البيهقي.
-الريح: هو النسيم، طيباً أو نتناً.
-الطعم: ما تدركه حاسة الذوق من طعام أو
شراب، كالحلاوة، و المرارة، و الحموضة، و غيرها، يقال: تغير طعم الشيء: خرج عن
وضعه الطبيعي.
-اللون: صفة الجسم، من السواد و البياض
و الحمرة، و ما في هذا الباب.
و هذه الصفات الثلاث يسميها فلاسفة
الإسلام: أعراضاً تفتقر إلى جوهر تقوم به، و الجوهر هو: الجسم.
و في الكيمياء الحديثة: صاروا يعدون هذه
الصفات أيضاً جواهر، فهي آثار جسمبة حسية، فالماء هنا جوهر، خالطه جوهر آخر، و هو
الطعم أو اللون أو الرائحة.
ما يؤخذ من الحديث:
1- يدل أول الحديث على أن الأصل في
الماء الطهارة.
2- يفيد هذا الإطلاق بما إذا لاقته النجاسة،
فظهر ريحها أو طعمها أو لونها فيه، فإنها تنجسه، قل الماء أو كثر.
3- الذي يقيد هذا الإطلاق هو إجماع
الأمة على أن الماء المتغير بالنجاسة نجس سواء كان قليلاً او كثيراً.
أما الزيادة التي جاءت في حديث أبي
أمامة، فهي ضعيفة لا تقوم بها حجة.
لكن قال النووي: أجمع العلماء على القول
بحكم هذه الزيادة.
و قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن
الماء القليل و الكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فتغيرت له طعماً أو لوناً أو ريحاً فهو
نجس.
قال ابن الملقن: فتلخص أن الاستثناء
المذكور ضعيف، فتعين الاحتجاج بالإجماع، كما قال الشافعي و البيهقي و غيرهما.
قال شيخ الإسلام: ما أجمع عليه المسلمون
فإنه يكون منصوصاً عليه، و لا نعلم مسألة واحدة أجمع عليها المسلمون و لا نصَّ
فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق