الحمد لله رب
العالمين و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليماً
كثيراً.. أما بعد ..
فلا يشك مسلم من
المسلمين أن القرآن الكريم وعلومه أشرف العلوم على الإطلاق، وأنه أنفع العلوم و أجلها
و أعظمها بلا استثناء ..
وأهم علوم القرآن
الكريم وأعظمها، وما من أجله أنزل، هو تدبر آياته، وفهم معانيه ؛ لأن الغاية
العظمى من إنزال القرآن هي العمل به، والاعتبار بمواعظه، والاستضاءة بحكمه ؛ وذلك
لا يحصل أبداً قبل فهم معانيه وتدبر آياته ؛ وإلا فكيف يعمل بالقرآن من لم يفهم
القرآن ؟! ..
و لا يتم فهم كلام
الله تعالى ، و لا يمكن أن ندرك معاني كتاب الله المجيد ، إلا بسنة النبي صلى الله
عليه و سلم و علومها ، لأن السنة هي الشرح النظري و العملي للقرآن الكريم ...
و تأتي شرح السنة
للقرآن الكريم ، في هذه الوظائف التالية :
أ – الوظيفة الأولى:
فهي أن السنة تأتي أحياناً مؤكدةً لمعنى جاء في القرآن الكريم، ومقررةً له،
وموافقةً لمعناه .. ومثله قوله صلى الله عليه و سلم في حديث جبريل المشهور، لما
سأله عن الإيمان قال: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن
بالقدر ) .. كما في قوله تعالى : { وَ مَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ
كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً } ...
ب – الوظيفة الثانية
: أن السنة تأتي مبينة و مفسرة لكتاب الله تعالى : يقول الله تعالى في محكم
تنزيله: { وَ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ
تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا }
... فظاهر الآية يدل على أن قصر الصلاة مشروط بحال الخوف ؛ لأنه قال: { فلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ
يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } .. فهذا المعنى يسبق إلى ذهن أي إنسان يسمع
الآية، لكن إذا درس السنة وعرفها علم بالسنة القطعية المتواترة العملية؛ أن النبي
صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يقصرون في السفر، ولو لم يكونوا خائفين ..
ج – الوظيفة الثالثة
: أن السنة تأتي بحكمٍ جديد لم يكن مذكوراً في كتاب الله تعالى .
وأمثلة ذلك كثيرة لعل
منها النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، لم يرد في القرآن الكريم
... إلى غير ذلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق